responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 624
بِالدِّينِ. وَالْحَقُّ مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِهِ فِي القرآن، وما خالفه في التوراة أو الإنجيل أَوِ الزَّبُورِ فَهُوَ مِنْ تَحْرِيفِ الْمُحَرِّفِينَ، وَتَلَاعُبِ الْمُتَلَاعِبِينَ. وَمِنْ أَعْجَبِ مَا رَأَيْنَاهُ أَنَّ الْأَنَاجِيلَ الْأَرْبَعَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَنْسُوبٌ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَحَاصِلُ مَا فِيهَا جَمِيعًا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ ذَكَرَ سِيرَةَ عِيسَى مِنْ عِنْدِ أَنْ بَعْثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَذَكَرَ مَا جَرَى لَهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَالْمُرَاجَعَاتِ لِلْيَهُودِ وَنَحْوِهِمْ، فَاخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ، وَاتَّفَقَتْ مَعَانِيهَا، وَقَدْ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِفْظُ وَالضَّبْطُ، وَذَكَرَ مَا قَالَهُ عِيسَى وَمَا قِيلَ لَهُ، وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ، وَلَا أَنْزَلَ عَلَى عِيسَى مِنْ عِنْدِهِ كِتَابًا، بَلْ كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُخَالِفُهَا، وَهَكَذَا الزَّبُورُ فَإِنَّهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَلَامُ اللَّهِ أَصْدَقُ، وَكِتَابُهُ أَحَقُّ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا: أَنَّ الْإِنْجِيلَ كِتَابُهُ أَنْزَلَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَأَنَّ الزَّبُورَ كِتَابُهُ آتَاهُ دَاوُدَ وَأَنْزَلَهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ أَيْ: انْتَهُوا عَنِ التَّثْلِيثِ، وَانْتِصَابُ خَيْراً هُنَا فِيهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قوله: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ. وإِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ لا شريك له، صاحبة ولا ولدا سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَيْ: أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحًا عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَمَا جَعَلْتُمُوهُ لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ، وَالْمَمْلُوكُ الْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ شَرِيكًا ولا ولدا وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فكلّ الْخَلْقُ أُمُورَهُمْ إِلَيْهِ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا ولا نفعا.
وقد أخرج إِسْحَاقَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنِّي وَاللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: مَا نَعْلَمُ ذَلِكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ الْآيَةَ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ النَّجَاشِيَّ قَالَ لِجَعْفَرٍ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: يَقُولُ فِيهِ: قَوْلَ اللَّهِ، هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَتُولِ الْعَذْرَاءِ، لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ. فَتَنَاوَلَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ فَرَفَعَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ! مَا يَزِيدُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ مَا يَزِنُ هَذِهِ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ الله ورسوله» .

[سورة النساء (4) : الآيات 172 الى 175]
لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (175)

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست